اصرة العزايزه الفصل الاول والثاني ل نهال مصطفي

موقع أيام نيوز

الإهداء 
إلى ذلك الشخص الذي لا يعاد مرة ثانية إلى حدوتي السرية التي قفلت عليها بداخلي وأضعت مفتاحها قسرا 
إلى تلك الملامح التي لا اجتمع بها إلا بالحلم وبين سطور الروايات ... 
إلى عينيك خاصة عندما تجمعنا الصدف النادرة ... 
إلى تلك التنهيدة التي تندلع مني بين كل كلمة وكلمة تخصك .. 

إلى مدينة انتظاري الأبدية .... 
أهديك عملا جديدا ينضم لدولاب الحنين بقلبي نازفا عشقا مختلفا لم أعشه معك عشقا ناضجا غير ذاك الذي أضاعك مني بعمر الجنون !! 
من تلك التي وهبت عمرها وقلبها للحب ..
وها أنا مع الحب حتى يقتلنى ....
فالقتل في هواك حياة ... 
هارون ليلة ... حين ألتقينا أمطرت السماء نجوما. 
ملحمة صعيدية جديدة ....
نهال مصطفى ....
الآصرة الأولى 
أحن إلى ليلى وإن شطت النوى
بليلى كما حن اليراع المنشب
يقولون ليلى عذبتك بحبها 
ألا حبذا ذاك الحبيب المعذب.
قد يفاجئك لحن قديم فيفتح شهيتك على مذاق الحب الذي تعمدت أن تتجاهله آمدا طويلا جر هارون عباءته الصعيدية وهو يقترب رويدا رويدا من أخيه الجالس بالأرض تحت ظل شجرة البرتقال ممسكا عوده ويعزف عليه قصائد قيس بن الملوح التي يحبها كثيرا .. خطوات متمهلة على لحن الكلمات ودقات العود المتناسقة وصلت أقدام أخيه لعنده وبدون إحداث صوت يقاطعه جلس منسجما متخذا من جذع الشجرة مسندا لظهره .. 
كرر هيثم لحن الأبيات بطرق مختلفة بتركيز شديد حتى توصل للحن الذي هتف فيه هارون معلنا إعجابه 
الله !!!! 
ترك العود أرضا ودار نحو أخيه متحمسا وهو يعقد قدميه 
عجبك صوح ! شايف في تطور زين !! 
ثنى هارون قدمه اليسرى وسند علي ركبته كفه الممسك بالسواك وقال ذائبا بسحر الغناء 
إلا عجبني !! ماهو الصباح ما يبقاش صباح من غير عزفك الحلو ديه .. 
ضحكة طفيفة اندلعت من شدقه 
طيب قول لي حابب اسمعك أيه بس يكون في معلومك خدمة قصاد خدمة .
رفع هارون حاجبه من جراءة أخيه وتجاوزه في الحديث معه 
هي حصلت ! عتساومني يا واد أنت ! 
أقلع عباية خليفة العزايزي دي وركز مع أخوك الصغير أنا بردك ماليش كبير غيرك بعد أبوي . 
عقد حاجبيه الكثيفين ببعضهما 
مطلع القصيدة كفر !!مالها عاد عباية أبوك يا واد أنت ! هتخترف من أولها ! 
فوق رأسي ورأس النجع كله يا كبيرنا .. بس اسمعني اللول .
رد بجفاء مفتعل 
هااه سمعني عايز تقول أيه .. !
عايز أخطب بت عمي وهدان يا هارون البت قالتها في وشي إكده لو مجبتش ناسي الجمعة الجاية هتتخطب لولد غريب .
ثم اندفع نحو أخيه 
أنا عحبها قوي يا هارون أعمل حاجة عشان خاطر أخوك حتى نربطوا كلام مع ناسها والجواز على مهله ياسيدي .. أي قولك !
ألتوى ثغره باستهزاء 
ما تنشف وتصلب طولك مالك !! هي الخسرانة مش أنت وبعدين ما عاش ولا كان ال يلوي دراع ولد خلفية العزايزي .
رد متيما 
لاه هو عاش وكان وادهولت أخوك حب وطب يا أخوي .. والحب والكيف ذلتهم واعرة .. مايعرفوش لا كبير ولا طبيب يداويه ...
مش عاجبني حالك يا ولد أمي وأبوي بس .
ثم رفع عينيه ولم تفارق البسمة ثغره ولكنه أتبع قائلا 
خد رضا صفية اللول وأنا اروح معاك من عشية .
انكمش وجهه بثنايا اليأس 
ودي أعملها كيف ! دي حالفة ما في قرع طبل يرن بالدوار غير لما تفرح بولدها البكري ال هو جنابك .. ما تتجوز وتفك نحسنا يا هارون وسيبك من مشاكل العزايزة ال تقصف العمر دي .
هز رأسه بشموخ ثم أتبع بمزاح 
أديك حافظها زين ومتنساش بعد مني هاشم أخوك يعني لسه قدامك كتير .. عموما اتفق مع البت ال عتحبها تحجزلك بتها لو ملكش نصيب فيها ! 
بتها يا هارون !! 
يبقى طولت من الحب جانب يا مغفل وهي أيه وبتها أيه !
اكفهر وجه هيثم المغرم ب رحاب وأخذ يلملم آلته الموسيقية 
تصدق أنا غلطان إني عتكلم معاك ااه وأنت هتعرف الحب والمشاعر منين عشان تحس بي كفاية عليك غلب ناسك .. مش عاوز منك حاجة يا هارون .. يا كبيرنا ... متشكر قوي .. خليك فاكرها .
أسبل عينيه ساخرا 
خد أهنه واخد في وشك ورايح على فين يا عم الحبيب أنت .
لوح بيده بدون اهتمام 
قفل على الحديت دلوق يا هارون . 
على مساحة الثلاثون فدان بقلب الجبل يلف سور قصر خليفة العزايزي الفخم الذي يضم بداخله مساحة شاسعة من المباني المتعددة المتناسقة بجوار بعضها التي يسكنها أفراد العائلة المترابطة ومزرعة ضخمة للخيول وحديقة واسعة تحتوي على مشاتل من الورود والبساتين المتنوعة يطوقها عدد هائل من الأشجار والنخيل التي تضلل عليهم ..
طارت الفراشات من جواره فتبسم ضاحكا بسخرية 
ماهو ال بيغني لكم هج ه تقعدوا معاي أنا ليه !! 
المبنى الداخلي 
صوت رنين الجرس المزعج الذي لم يخل منه القصر ركضت فردوس لتفتح الباب مع علمها بهوية الطارق الذي استقبلته بنفس ثقيل 
يسعد صباحك يا ست نغم .
طبعت نغم قبلة سريعة على وجنتها وقالت بفرحة 
وصباحك يا فردوس يا سكر أنت ..
ثم طافت أنظارها بساحة المبنى بسرعة بأعين متلصصة 
خالتي صحيت !
ردت فردوس على مضض 
طبعا صحيت وهو في حد يصحى قبلها في البيت ديه ..
بخفة الفراشة لملمت نغم طرف فستانها المشجر وهو تتمم على حجابها ولكنها توقفت متسائلة 
وهارون .. ! 
ماله سي هارون يا ست نغم ! 
تأملتها مليا 
جرالك أيه يا فردوس ! هتردي علي السؤال بسؤال ! أقصد صحى هو كمان ! 
صاحي وقاعد في الجنينة الورانية . 
قبلة أخرى كانت من نصيب وجنتها الأخرى وقالت بشغف المراهقة المنسوجة من حبها الكبير لهارون ابن خالتها 
هروح احضر له فطور أدعي لي يا فردوس هحليلك خشمك ده لو المراد بتاعي تم . 
ضړبت فردوس كف على الأخر 
البنتة بقيت هي ال تجري ورا الرجالة الزمن ده ! ألطف بينا يا رب .
شرعت أن تقفل الباب ولكن باغتتها زينة وهي تتدفعه بلهفة 
استنى استنى يا فردوس ..
ثم وقفت أمامها معاتبة وهى تنزع وشاح رأسها 
أنت مش شايفاني جاية رمح على نفس واحد .
امتقع وجهها وردت بحسرة 
العتب على النظر يا ست زينة !
داعبت وجنتها بخفة كمن يمزاح طفل صغير وهي تمد أنظارها للداخل 
بكرة أخدك ونشوفوا مقاسات النضارة .. الا قوليلي يا دوسه يا قمر أنت عمتي صفية فينها ! 
في المخزن بتشوف المحاصيل هتقضي ولا لا لغاية المحاصيل الجديدة ماتخش علينا .
أصدرت زينة صوت إيماءة خفيفة بحذر وهي توشوش لها 
طب وهارون .. فين أراضيه ! 
قاعد في الجنينة جار سي هيثم . 
أخرجت زينة من جيب فستانها ورقة مطوية داخل قطعة قماش بيضاء ودسته في يدها 
أقولك أيه يا فردوس عايزاكي تحطي ده تحت مخدة هارون .. أياكي حد يوعالك .. 
ده أيه ده يا ست زينة !
رمقته بأعين محذرة 
وطي صوتك يا فردوس هتفضحينا .
بصوت منخفض 
أيوة معرفتش إيه ده بردك !
ارتبكت زينة قليلا 
أممممم دهوت حجاب عشان يحفظ هارون من كل شړ .. هتطلعي تحطيه ولا أطلع أنا .
أجابت فردوس باستسلام 
لا هحطه متتعبيش روحك.. 
أحبك يا دوسه وأنت مطيعة هروح افطر وياه هارون قبل الوكل ما يلسلس . 
ما كادت أن تخطو خطوتين ثم تراجعت لتؤكد عليها 
فردوس أوعاكي تنسي .. هاه ! 
طوالي يا ست زينة .. متعتليش هم . 
بخطوات أرنب مقبل على الحياة تمايلت على طراطيف أصابعها نحو الحديقة التي يجلس بها هارون حاملة حقيبة الطعام بيدها وهي تدندن 
طاير يا هوا طاير على المينا .. رايح يا هوا تخبر أهالينا .. قصة الهوى وتفتن علينا !! أمرك يا هوى و 
حتى ارتطمت بكتف هيثم الذي يتشاجر مع طوب الأرض فهب صارخا 
مش تفتحي يا زينة !!!قطر معدي ! 
أباي عليك يا هيثم !! وأنا كنت ضربتك بطلقة ! مالك على الصبح !قول يسعد صباحك يا زينة !
لوح بيده متجاهلا اسئلتها 
مفيش .. وحلي عن راسي الساعة دي .
مطت شفتها بتعجب 
ماله ديه !
ثم نفضت غبار حيرتها وأتبعت سيرها 
وأنا مالي .. 
ثم أتبعت مدندنة 
جينا يا هوا للبحر جينا .
وصلت زينة إلى الشجرة التي يجلس هارون تحتها فأقبلت عليه بسعادة مترنمة 
يا صباح الهنا على كبيرنا وكبير نجع العزايزي كله من شرقه لغربه وضواحيه .. يسعد صباحك يا سيد الناس .
كيفك يا زينة !
أردف سؤاله بهدوء خال من أي ضيق أو شغف في حوارها ف جلست مقابله 
أنا زينة وهفضل زينة طول ما حسك في الدنيا ياسيد الناس .. 
ثم أخذت تفتش وتفتح بالحقيبة البلاستيكية وتخرج منه علب الطعام 
تعرف أن عيني مشافتش النوم طول الليل ..
ده ليه ! عيانة أياك نشوف لك داكتور !
داهمها الحب وهي تبرر سبب يقظتها طوال الليل 
بعد الشړ عليا عياي واحد وطبيبه واحد ما ينفعش بعيديه الطب كله .. بس هو يقول آه .
رصت الأطباق أمامه وهي جالسه على ركبتيها وأكملت 
سهرانة أعملك بيدي الفطير ال عتحبه مع هبابة العسل هينسوك وكل صفية .
تربع هارون ليستقبل إفطارها بفرحة عارمة ويعبر عنها 
وه وه .. جيتي في وقتك يا زينة ده الفطير لسه بناره .
مطرح ما يسري يمري يا ولد عمتي . 
ما شرع أن يتذوق الطعام ويتلذذ من مذاق العسل الطبيعي أتت نغم على عجل وهي تحمل فوق رأسها المائدة المعدنية وتقول بضجر 
أنت أيه جابك الساعة دي يا زينة !!
شنت الحړب النسائية بينهن فردت عليها وهي تضع الخبز الساخن بيده 
جرب دي كمان يا هارون من يدي ..
ثم عادت لنغم 
عازمة ولد عمتي على الفطور فيها حاجة دي !
وضعت نغم المائدة على الأرض ثم شدت الخبز من يد هارون پعنف 
والله ما هيفطر غير من وكلي يا زينة

ثم ولت ناحية هارون وأخذت تبعد عنه الطعام الخاص بزينة 
سيبك من الوكل ال ينشف المعدة ده واشرب كوباية اللبن دي ترم عضمك .
تدخلت زينة پغضب 
جرالك أيه يا نغم !! مش هتبطلي حركات العيال دي .. ما تسيبيه يختار على كيفه .
ردت الأخرى بتحد 
مش هياكل غير وكلي يا زينة ما تقول حاجة يا هارون .
مازال محافظا على هدوئه يراقب تلك الحروب الدائرة حوله شدت زينة كوب الحليب من يد نغم بإصرار 
متسديش نفسه على الوكل وسيبيه يملى بطنه عيش اللول . 
شدت نغم كوب الحليب منها 
مالكيش فيه لازم يشق ريقه على كوباية اللبن الصبح مش فطير وعسل . 
تأفف پاختناق وهو يتمتم لنفسه 
ياصبر الصبر على الصبح !
تدخلت زينة وغمست اللقمة بالعسل وقربتها من فم هارون 
سيبك منها ومن تقاليعها يا هارون وخد كل من يدي والله ما أنت مرجعها . 
اڼفجرت نغم پغضب يتطاير وهي ټخطف اللقمة من يدها 
قولتلك يشق ريقه باللبن اللول أنت ما عتفهميش . 
طاحت يدي هارون بوجههن وهو يسب جنونهن 
ولا وكلك ولا وكلها ومش طافح في أم اصطباحتكم المقندلة دي .
كادت زينة أن تدخل لتعارضه فقطعها
بحزم وهو يفارق مجلسهن 
ولا كلمة
تم نسخ الرابط